11/21/2018

الدرس 12: سلوك المكثف في دارة التوتر المتردد الجيبي

 سلوك المكثف في دارة التوتر المتردد الجيبي


باسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله وسلم على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

الموضوع: سلوك المكثف في دارة التوتر المتردد الجيبي


أما بعد،
رأينا في الموضوع السابق أن الدارة RC تمكن من توليد أشكال مختلفة من التوترات انطلاقا من توتر دوري معين. وذلك بتغيير إما ثابتة الزمن Tau أو تردد توتر الدخل.



     لكن الأمر سيختلف عندما يكون توتر الدخل عبارة عن توتر جيبي، حيث الدارة RC ستحافظ على شكل هذا التوتر الجيبي عند توتر خرجها. مهما ثم تغيير ثابتة الزمن Tau أو تردد الدخل.


     في هذا الدرس سوف نختار من ضمن التوترات المترددة، التوتر الجيبي لدراسة المكثف، لأنه الأكثر استعمالا في الدارات الالكترونية.


     قلنا في درس سابق أن المكثف يمنع مرور التيار المستمر. وذلك راجع إلى اكتماله من الشحن حيث يقطع بعد ذلك مرور التيار في الدارة.

     لنفسر بقليل من التفصيل هاته الظاهرة. لذلك نصمم دارة مكونة من مكثف وعمود كهربائي ذو التوتر 5V وقاطع للتيار K،


حيث النقطة B متصلة مع القطب السالب N للعمود E . وبالتالي فإن الجهد ينعدم في النقطتين B و N

ولدينا
أي

إذن

       قبل غلق قاطع التيار K نفترض أن المكثف فارغ حيث التوتر بين مربطيه منعدم.
لدينا

إذن

     وبعد غلق قاطع التيار K سيمر تيار من النقطة P نحو النقطة A لأن في هاته الحالة، الجهد في النقطة P أكبر من الجهد في النقطة A

لأن

و


ونعلم سابقا أن التيار ينتقل دائما من الجهود المرتفعة نحو الجهود المنخفضة. ويبقى الحال كذلك إلى أن يشحن المكثف بالكامل حيث التوتر بين مربطيه سيساوي توتر المولد E.

ثم سيقطع مرور التيار في الدارة. لأن

وبما أن

فإن

وبما أن الجهد في النقطة A هو نفسه الجهد في النقطة P

فإنه لن يمر أي تيار لا من P إلى A ولا من A إلى P.


سلوك المكثف في دارة التوتر الجيبي

     نصمم دارة مكونة من مكثف غير مستقطب و مولد التردد المنخفض G يمنح للدارة توترا جيبيا دوره هو T وتمثيله المبياني هو المنحنى الأحمر كما في يسار الصورة أسفله.


أولا: نصف الدور الأول

     خلال نصف الدور الأول سيكون المنحى الموجب لتيار المولد G هو النقطة P. و بالتالي فإن الجهد في النقطتين N و B سيكون منعدما.


  
     نفترض أن المكثف فارغ عند اللحظة t=0s، لذلك سيسحب من المولد اكبر قيمة ممكنة من التيار، لأنه يعتبر كسلك في هاته اللحظة بالذات. ثم سينقص تدريجيا إلى ينعدم عند نهاية الربع الأول من الدور وذلك عند اللحظة t=T/4s، وتمثيله المبياني هو المنحنى الأزرق.(الصورة اسفله) في المقابل يكون توتر المولد منعدما عند اللحظة t=0s ثم يرتفع تدريجيا إلى أن يصل إلى أقصى قيمة ممكنة له Um في الجزء الموجب، وذلك عند اللحظة t=T/4s. في هاته اللحظة سيشحن المكثف ويصبح التوتر بين مربطيه مساويا لـ Um.
أي
أي
وبما أن
فإن

أي أن الجهد في النقطة A يساوي القيمة Um في اللحظة t=T/4s.

    خلال الربع الأول من الدور، تبقى هاته المتراجحة صحيحة

أي أن الجهد في النقطة P أكبر من الجهد في النقطة A. وبالتالي سيمر تيار شحن منحاه من النقطة P نحو النقطة A.


    ثم بعد اللحظة t=T/4s يبدأ توتر المولد بالانخفاض مما يعني أن الجهد Vp في النقطة P سينخفض كذلك. لذلك سيصبح هذا الأخير أصغر من الجهد Va في النقطة A الذي يساوي Um. فابتداء من اللحظة t=T/4s تبقى هاته المتراجحة صحيحة:


    وبما أن المكثف مشحون والجهد Va أكبر من الجهد Vp فإن تيار تفريغ id سيمر في الدارة من A نحو P وهو عكس تيار الشحن ic. لذلك نجد أن التيار يأخذ إشارة سالبة ابتداء من اللحظة t=T/4s. ويبقى الحال كذلك إلى أن يفرغ المكثف ويصبح التوتر في الدارة منعدما وذلك عند نهاية نصف الدور الأول عند نهاية t=T/2s.

    إذن خلال نصف الدور الأول من التوتر نجد أن المكثف يشحن ويفرغ شحنته.

ثانيا: نصف الدور الثاني

    خلال نصف الدور الثاني، المولد يعكس إشارته بحيث سيكون قطبه الموجب هو النقطة N وقطبه السالب هو النقطة P. وبالتالي فإن الجهد في النقطتين A و P سيكون منعدما.


وتصرف المكثف في نصف الدور هذا هو نفس تصرفه في نصف الدور الأول. وبما أن المولد يغير منحى التيار في الدور الثاني فإن جميع القيم ستأخذ إشارة سالبة. فيجب التركيز لفهم تصرف المكثف في نصف الدور الأول لأنه الأسهل للإدراك. أما خلال نصف الدور الثاني فقد يحصل بعض الارتباك مع الإشارة السالبة.

    يكون المكثف فارغا من الشحنة عند اللحظة t=T/2s، ثم انطلاقا من هاته اللحظة سيبدأ في الشحن إلى أن يصل توتره إلى القيمة القصوى Um. وذلك عند نهاية الربع الثالث من الدور عند اللحظة t=3T/4 s. خلال هاته الفترة من الدور سيمر تيار شحن من النقطة N نحو النقطة B لإن الجهد في النقطة N اكبر من الجهد في النقطة B


      ثم ابتداء من المدة t=3T/4 s سيفرغ المكثف شحنته لان الجهد في النقطة N سينخفض وبالتالي سيمر تيار من النقطة B نحو النقطة N لأن الجهد في النقطة B أكبر من الجهد في النقطة N.


     ويبقى الحال كذلك حتى يفرغ المكثف من الشحنة وذلك عند اللحظة T. حيث سينعدم التوتر في الدارة. أما إشارة تيار التفريغ فستكون عكس إشارة الشحن. لأن منحى تيار الشحن يكون دائما عكس منحى تيار التفريغ.
خلاصة:
     يشحن المكثف ويفرغ خلال كل نصف الدور من التوتر وتتكرر هاته العملية مع الزمن. انطلاقا من تصرفه هذا، المكثف يسمح بمرور تيار متناوب جيبي في الدارة. مما يدل على أن المكثف يسمح للتوتر المتردد الجيبي بالمرور في دارته عكس التوتر المستمر الذي يمنع مروره.

    لتعميق شرح تصرف المكثف في دارة التوتر الجيبي، سنقارنه بتصرف المقاومة الكهربائية في دارة التوتر الجيبي كذلك. لذلك نقوم بتصميم دارة بسيطة على برنامج محاكاة، مكونة من مقاومة متغيرة وراسم التذبذب ليعاين التوتر مع التيار في الدارة. ونربط الدارة بمولد التردد المنخفض الذي يمكن لنا من تغيير تردد التوتر.


   عند تشغيل الدارة، نحصل على منحنيين على راسم التذبذب، منحنى باللون الأصفر يمثل التيار ومنحنى باللون الأحمر يمثل التوتر.

    نقوم بتكبير قيمة المقاومة فنلاحظ أن وسع المنحنى الأصفر ينقص مما يدل على أن المقاومة تكبح مرور التيار في الدارة.
   أما إذا قمنا بتصغير قيمتها، نلاحظ أن وسع المنحنى الأصفر يزداد مما يدل على أن تيارا مهما يمر في الدارة. هذا هو عمل المقاومة هو التحكم في شدة التيار المار في الدارة. فلن يمر تيار في الدارة إلا ما سمحت له المقاومة بذلك.


    وإذا قمنا بتغيير تردد لمولد إما بتكبيره أو تصغيره نلاحظ أن وسع التيار يبقى ثابتا مما يدل  على أن التردد لا يؤثر على قيمة المقاومة.


    ونلاحظ كذلك أن المقاومة لا تقوم بتأخير ولا تقديم كل من التوتر والتيار. كما هو موضح في الصورة أسفله. حيث نلاحظ أن التيار والتوتر على توافق في الطور. وهذا يؤكد كل ما رأيناه في درس سابق.


    نرجع إلى الدارة فنبدل المقاومة بمكثف غير مستقطب. وبعد تشغيل الدارة نحصل كما العادة على منحنيين: منحنى أحمر يمثل التوتر ومنحنى أصفر يمثل التيار. سأقوم بتكبير تردد التوتر، فألاحظ أن وسع منحنى التيار يزداد مما يدل على أنه يمر في الدارة تيارا مهما.
     أما إذا قمت بتصغير التردد فألاحظ أن وسع منحنى التيار يصغر مما يدل على أن شدة التيار المار في الدارة تضعف.


     إذن بتغيير تردد التوتر بتكبيره أو تصغيره، يسمح المكثف أو يكبح مرور التيار في الدارة. أي كأنه يعمل عمل المقاومة الكهربائية.

     هل يمكن اعتبار المكثف كمقاومة في دارة التوتر الجيبي؟
الإجابة ستكون نعم.

     هل للمكثف مقاومة تقاس بالأوم مثل المقاومة الكهربائية؟
الإجابة ستكون نعم.


     إذن يجب تجاهل أمر شحن وتفريغ المكثف في دارات التوتر المتردد الجيبي. ويجب التعامل معه كأنه مقاومة متغيرة يتحكم في قيمتها سعة المكثف أو تردد التوتر.

     المكثف له مقاومة أومية تسمى ممانعة ويرمز لها بـ Zc، لكن لديها اسم خاص تعرف به هو مفاعلة سعوية Réactance Capacitive ويرمز لها بـ Xc. هاته المفاعلة السعوية تتغير مع التردد f وتتناسب عكسيا مع كل من السعة C والتردد f، ويكمن حسابها من القانون

ووحدتها هي الأوم

    انطلاقا من هذا التعريف يتبين لنا أن المكثف يعتبر كممانعة في دارة التوتر الجيبي.
فهل يمكن تطبيق قانون أوم على المكثف؟
الإجابة ستكون نعم.
لدينا قاموم أوم:


بالنسبة للمكثف نكتب:


وبما أن

فإنه يمكن كتابة

     لتعميق الفهم، نقوم معا بحل هذا التمرين التطبيقي.
لدينا دارة مكونة من مكثف سعته C=0.1 microF ومولد للتوتر الجيبي قيمة توتره الفعال هو U=100V وتردده هو f=10KHz.


1- أحسب شدة التيار في الدارة؟
2- ماهي ممانعة الدارة؟
3- تحقق من أن Uc=Xc.I
الاجابة.
1- انطلاقا من قانون أوم لدينا

أي أن
لدينا
إذن
ولدينا
إذن

وبما أن المكثف في هاته الحالة مركب بوحده في الدارة مع المولد فإن Uc=U=100V
وبعد الحساب نجد أن

2- لدينا
و

وبعد الحساب نجد أن

3- لدينا

وبالتالي فإن Uc=Xc.I

     نرجع إلى المفاعلة السعوية وهذين المبيانيين(الصورة أسفله) يوضحان أكثر تأثير التردد أو السعة على قيمة المفاعلة السعوية.


    انطلاقا من المبيانيين نلاحظ انه إذا آلت السعة أو التردد إلى الصفر فإن التيار سينعدم في الدارة لأن المفاعلة السعوية Xc تكون كبيرة جدا ستمنع مرور التيار في الدارة، ويتصرف المكثف في هاته الحالة كقاطع للتيار مفتوح.

    أما إذا ارتفع التردد أو كبرت السعة بنسبة كبيرة جدا فإن المفاعلة السعوية Xc ستضعف  قيمتها إلى أن تنعدم، حينها يتصرف المكثف كأنه سلك سيمرر أقصى ما يمكن من التيار، في المقابل يكون التوتر بين مربطيه منعدما.

خلاصة:
     في حالة التيار المستمر تكون قيمة التردد f=0Hz وبالتالي تكون قيمة مقاومة المكثف الأومية Xc كبيرة جدا تصل إلى ما لانهاية، وبذلك فإن المكثف يمنع مرور التيار المستمر في الدارة، بينما يمرر التيار المتغير وهذه الخاصية تعد من أهم وظائف المكثف في الدارات الكهربائية.

    يتبين مما سبق أن المكثف يتصرف كمقاومة تتغير قيمتها بتغيير التردد أو السعة، وذلك في دارة التوتر الجيبي. لكن الاختلاف الجوهري بين المقاومة الكهربائية والمكثف هو أن هذا الأخير يأخر التوتر على التيار كما هو موضح في الصورة أسفله.


حيث عند اللحظة t=0s نجد أن التوتر منعدم على خلاف التيار الذي يأخذ أقصى قيمة ممكنة له. وانطلاق من تمثيل فرينيل نجد أن فرق الطور بين التوتر والتيار هو p/2 . نقول بأن التيار على تربيع متقدم بالنسبة للتوتر.

     وقد تجدون في بعض الكتب هذا التمثيل المبياني للمكثف في دارة التوتر الجيبي:


هذا التمثيل المبياني هو نفس التمثيل السابق إلا أن هذا الأخير نأخذ فيه التيار كمرجع لإنشاء فرينيل، حيث نلاحظ أنه في اللحظة t=0s التيار يكون منعدما على خلاف التوتر الذي يأخذ أدنى قيمة له.

    انطلاقا من تمثيل فرينيل نجد أن فرق الطور بين التيار والتوتر هو –p/2 .نقول بأن التوتر على تربيع متأخر بالنسبة للتيار.

حساب القدرة للمكثف في نظام التوتر الجيبي.

أولا: القدرة اللحظية.

     كتذكير فالقدرة اللحظية هي حاصل جداء التوتر اللحظي في التيار اللحظي. فنكتب:

حيث معادلة التيار هي:

ومعادلة التوتر هي

وبالتالي تكون معادلة القدرة اللحظية على الشكل:


في حالتنا هاته لدينا

وبما أن

فإن المعادلة تصبح على الشكل

إذن

إذن القدرة اللحظية عبارة عن دالة جيبية ترددها هو 2W ودورها هو T/2، و T يمثل دور التيار وهو نفسه دور التوتر.
 
     والقدرة اللحظية كما ذكرنا في دروس سابقة، تبين فقط ما إذا كان ثنائي القطب يكتسب الطاقة حيث p(t) تكون موجبة، أو يفقد الطاقة حيث p(t) تكون سالبة.

     أما تمثيلها المبياني يكون على الشكل التالي وهو المنحنى باللون البرتقالي


     حيث في الربع الأول والثالث من الدور تكون القدرة اللحظية موجبة مما يدل على أن المكثف يشحن. أما في الربع الثاني والرابع من الدور تكون القدرة اللحظية سالبة الإشارة مما يدل على أن المكثف يفرغ طاقته وهذا يؤكد ما رأيناه أعلاه.

ثانيا: القدرة الفعالة

    كتذكير القدرة الفعالة هي القدرة الحقيقية المستفاد بها في صورة حركة في المحركات أو في صورة ضوء في المصابيح أو في صورة حرارة في السخانات ....إلخ.

    ويمكن حساب القدرة الفعالة بالعلاقة التالية:


في مثالنا هذا لدينا

وبما أن
فإن

معناه أن المكثف لا يبدد الطاقة بل يخزنها لإرجاعها عند الحاجة. وهاته الخاصية يمتاز بها المكثف المثالي الذي لايحتوي على مقاومة داخلية. لكن في الحقيقة سيختلف الأمر قليلا بالنسبة للمكثفات الأخرى خصوصا الكيميائية. وبما أن المكثف لا يبدد الطاقة فإن حرارته لن ترتفع عكس المقاومة الكهربائية التي تبدد الطاقة على شكل حرارة.

إلى هنا ينتهي هذا الموضوع.
شكرا لكم على حسن التتبع وإلى درس قادم إن شاء الله.
والسلام عليكم و رحمة الله.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق