2/02/2019

الدرس 14: الوشيعة، التحريض الكهرمغناطيسي

 الوشيعة، التحريض الكهرمغناطيسي



بسم الله الرحمان الرحيم
وأفضل الصلاة و السلام على مولانا رسول وعلى آله وصحبه أجمعين.

الموضوع: الوشيعة، التحريض الكهرمغناطيسي

 

     تتمة لدرس الوشيعة السابق، في هذا الموضوع سنشرح و بشكل بسيط ظاهرة التحريض الكهرمغناطيسي.


     يعزى التطور الهائل الذي عرفه الإنتاج الكهربائي إلى اكتشاف ظاهرة التحريض الكهرمغناطيسي من طرف فارادي (M.FARADY) في سنة 1831. إذ تعتبر هذه الظاهرة المبدأ الأساسي لاشتغال المولدات ذات قدرة كبيرة و المنوبات و المحولات الكهربائية.

     قلنا في الموضوع السابق أن مرور التيار في موصل كهربائي يخلق مجالا مغناطيسيا. هنا سنرى العكس أي أن كل موصل يقطع مجالا مغناطيسيا، ينتج تيارا كهربائيا في الموصل ذاته.


     و لإبراز هاته الظاهرة، ننجز دارة كهربائية باستعمال ملف لولبي أو وشيعة متصلة بـ Galvanomètre ذي الصفر في الوسط. ونضع بقرب منها و في نفس محورها مغناطيس مستقيم كما الصورة أسفله:


     كتذكير قلنا في الدرس الماضي أن شدة المجال تكون قوية بجوار قطبي المغناطيس وتضعف كلما ابتعدنا من قطبيه.

     في هذا الدرس ولتسهيل الشرح سوف أقوم بالاستغناء عن خطوط المجال المغناطيسي والاكتفاء بخط المحور فقط مع متجهة شدة المجال المغناطيسي بالنسبة للمغناطيس و للوشيعة.


    نقرب من الوشيعة التي هي ثابتة، المغناطيس فنلاحظ انحراف إبرة Galvanomètre إلى اليسار، هذا يدل على مرور تيار كهربائي في الدارة.


    وإذا قمنا بإيقاف المغناطيس قرب الوشيعة فإن Galvanomètre لا يشير إلى شيء، يدل ذلك على انعدام التيار الكهربائي في الدارة.

     أما إذا قمنا بتحريك المغناطيس إلى الخلف، تتحرك إبرة Galvanomètre في الاتجاه عكس الحالة الأولى، مما يدل على أن هناك تيار كهربائي في الدارة.


     إذن مرور التيار في الدارة يعتمد بالأساس على انتقال المغناطيس، أما أثناء سكون هذا الأخير فلن يحدث شيء. أو بعبارة أخرى، ليمر تيار كهربائي في الدارة، الوشيعة تحتاج أن تقطع مجالا مغناطيسيا متغيرا. بحيث عندما يقترب المغناطيس من الوشيعة تزداد شدة المجال المغناطيسي بداخلها، أما عندما يبتعد المغناطيس تضعف شدة المجال المغناطيس بداخلها.


    تتصرف الدارة طيلة حركة المغناطيس كأنها تحتوي على مولد كهربائي، نقول إنه ظهرت في الوشيعة قوة كهرمحركة للتحريض و أن المغناطيس في حركة هو المحرض و الدارة هي الدارة المحرضة و التيار المار بها هو التيار المحرض.

     نتوصل إلى نفس النتائج إذا أبقينا المغناطيس ثابتا و قمنا بتحريك الوشيعة، وكذلك إذا عكسنا قطبي المغناطيس أو إذا عوضنا المغناطيس بوشيعة يمر فيها تيار كهربائي.

     عندما نحرك مغناطيسا أمام وشيعة في دارة، أو وشيعة أمام مغناطيس فإنه يظهر بالدارة تيار كهربائي محرض، وينعدم هذا التيار عندما تنعدم الحركة النسبية بين الدارة و المغناطيس. أو بعبارة أخرى عندما تكون وشيعة داخل مجال مغناطيسي متغير، فإنها تعتبر كمولد للتيار الكهربائي ذو قوة كهرمحركة.




     و يعتمد منحى التيار الكهربائي المحرض على تصرف الوشيعة الغريب داخل المجال المغناطيسي المتغير. سأشرح هذا التصرف الغريب بطريقة سهلة جدا لكن يجب بعض التركيز. لأنه يعتبر اللغز السحري للوشيعة و المبدأ الأساسي لتصرفها في الدارات الكهربائية.

منحى التيار الكهربائي

     يرتبط منحى التيار المحرض عند اقتراب أو إبعاد المغناطيس من الوشيعة بقطب المغناطيس و بمنحى حركته. عندما نقرب المغناطيس يظهر في الوشيعة تيار يكون منحاه بحيث تكون طبيعة وجه الوشيعة مثل طبيعة القطب المقترب منها. و يتغير منحاه في حالة إبعاد المغناطيس عن الوشيعة.

     في جميع الحالات يكون منحى التيار المحرض بحيث يجعل وجه الوشيعة يطبق قوة على المغناطيس تعارض منحى حركته.

لشرح هذا المقطع نعود بكم إلى التجربة أعلاه.

المرحلة الأولى:

   نقوم بتقريب القطب الشمالي للمغناطيس من الوشيعة.


في هاته الحالة الوشيعة ترى بأن مجالا مغناطيسيا يتضخم بداخلها، فستحاول اعتراضه و توقيف هذا التضخم. لذلك ستولد تيارا كهربائيا محرضا داخلها، بحيث يكون منحاه يجعل وجه الوشيعة يكون شبيه لقطب المغناطيس المقترب منها.

    في هذا المثال، القطب الشمالي هو الذي يقترب من الوشيعة، إذن سيمر في هذه الأخيرة تيار محرض منحاه يجعل من الوشيعة تتصرف كمغناطيس قطبه الشمالي سيحاول إبعاد القطب الشمالي للمغناطيس الأصلي. لأن القطبان من نفس النوع لمغناطيس تتعارض و تتنافر.

المرحلة الثانية:

     نقوم بإبعاد القطب الشمالي للمغناطيس من الوشيعة.


     ترى الوشيعة في هاته الحالة بأن مجالا مغناطيسيا يقل بداخلها، فستحاول اعتراض هذا التغير و هذا الانخفاض وذلك بدعم المجال المغناطيسي و إعانته ليصبح قويا كما كان. لذلك سيمر في الوشيعة تيار كهربائي محرض يجعل وجه الوشيعة، وجها جنوبيا سيحاول جذب القطب الشمالي للمغناطيس.

    إذن فمنحى التيار الكهربائي المحرض يغير منحاه باقتراب أو إبعاد المغناطيس من الوشيعة. انطلاقا من ذلك يمكن اعتبار الوشيعة أثناء حركة المغناطيس كمولد للتيار المتغير. لأن منحى التيار الكهربائي المحرض يغير منحاه أو بعبارة أخرى يغير إشارته مع الزمن. وهذا هو مبدأ اشتغال مولد التوتر الكهربائي المتردد.

رابط الفيديو.

   

هناك 6 تعليقات: