3/15/2019

الدرس 18 : مبدأ اشتغال الصمام الثنائي

مبدأ اشتغال الصمام الثنائي


الحمد لله الغفور الودود، الكريم المقصود، الملك المعبود، قديم الوجود. وأشهد أن سيدنا و حبيبنا محمدا عبد الله و رسوله و صفيه من خلقه.


مبدأ اشتغال الصمام الثنائي


       رأينا في مواضيع سابقة بأن موصلات التيار الكهربائي، هي تلك المواد التي تمتلك عددا كبيرا من الالكترونات حرة الحركة. معظم تلك المواد من الفلزات مثل النحاس و الفضة و الذهب و غيرها. كما رأينا أن العوازل هي تلك المواد التي لا تحتوي على إلكترونات حرة الحركة بسبب ارتباط الالكترونات الوثيق بذراتها، مثل الخشب و المطاط و الجلد ... إلخ.


       أما في هذا الموضوع سندرس بإذن الله أجساما تصنف بين الموصلات و العوازل و هي أشباه الموصلات، وهي العناصر الملاصقة تماما للخط المثلم العريض و الملونة باللون الأخضر كما في الصورة التالية:

      التوصيل في أشباه الموصلات جد معقد حيث أنها تتصرف كالعوازل عند درجة حرارة منخفضة. وتتصرف كالموصلات عند درجة حرارة مرتفعة، أي أن كفاءة التوصيل ترتبط بدرجة الحرارة.


       نأخذ كمثال مادة الجرمانيوم و الذي تحتوي ذرته على أربعة الكترونات تكافؤ (أي أربعة الكترونات موجودة في المستوى الأخير). هاته الإلكترونات تندمج في الترابطات التساهمية مع الذرات المجاورة لتشكيل شبكة بلورية.

       ففي درجة حرارة منخفضة يتصرف الجرمانيوم كعازل للتيار الكهربائي لكن مع ارتفاع درجة الحرارة في البلور، تتحطم بعض الروابط التساهمية، وينتج عنه تحرر بعض الالكترونات من ذراتها، تاركة خلفها ثقبا موجبا، فتتسرب داخل الشبكة البلورية لتصير حرة، وبالتالي فهي ستحقق التوصيل الكهربائي.

      هاته الطريقة غير مجدية نفعا خصوصا في عالم الالكترونيات، حيث يجب دائما تسخين البلور لتضعف مقاومته الكهربائية، و بالتالي سيتحقق توصيل التيار الكهربائي.


      وقد أدت الأبحاث إلى جعل أشباه الموصلات موصلة كهربائيا دون تعريضها للحرارة. وذلك بإضافة كمية صغيرة من ذرات دخيلة إلى البلور الخالص لأشباه الموصلات. وسميت هاته الطريقة بتنشيط شبه الموصل.


1- التنشيط من طراز N


      في هاته الحالة نستعمل مادة الزرنيخ (As) في تنشيط الجرمانيوم، لكون حجمي مادتي ذرتيهما متساويين تقريبا. الشيء الذي يُمكن ذرة الزرنيخ من أن تحل محل ذرة الجرمانيوم في البلور، دون تدمير هذا الأخير. وبما أن ذرة الزرنيخ تملك خمسة إلكترونات في مستوى التكافؤ، فإن أربعة منها تشارك في الترابطات التساهمية مع ذرات الجرمانيوم المجاورة، بينما يبقى الإلكترون الخامس حرا فيترك ذرة الزرنيخ. وهذه الالكترونات الحرة، و التي يساوي عددها عدد ذرات الزرنيخ الدخيلة، هي المسؤولة عن التوصيل الكهربائي.

      ولو طبقنا توترا على هذا البلور لمرَّ تيار كهربائي بسهولة وذلك بفضل تلك الالكترونات الحرة. وسميت هذه العملية بالتنشيط من طراز N، لان الالكترونات (حملة الشحنة الكهربائية السالبة) هي المسؤولة عن التوصيل.


2- التنشيط من طراز P


      تستعمل في هذه الحالة ذرات ذات ثلاثة إلكترونات خارجية مثل البور (B). وتندمج الالكترونات الثلاثة في الترابطات التساهمية مع الذرات المجاورة للجرمانيوم بينما ينقص إلكترون للمشاركة في الترابط الرابع. لهذا تأخذ ذرة البور الدخيلة إلكترون إحدى ذرات الجرمانيوم المجاورة. وهكذا يترك الإلكترون المأخوذ من ذرة الجرمانيوم ثقبا موجبا. و سيملأ بإلكترون آخر تاركا ورائه ثقبا موجبا آخر. إذن فذرة البور الدخيلة مكنت، وبفضل الثقب الموجب، الالكترونات من الانتقال من ذرة إلى أخرى مما يجعلها تسمح بمرور التيار الكهربائي.


لو طبقنا توترا على هذا البلور لمرَّ تيار كهربائي و بسوهلة. وسميت هاته العملية: التنشيط من طراز P، لأن الثقوب الموجبة (أي الأيونات الموجبة) هي المسؤولة عن التوصيل.


      إذن لدينا شبه موصل من طراز N به الكترونات حرة، وهو موصل جيد للتيار. كما لدينا شبه موصل من طراز P لديه ثقوب موجبة أو بمعنى آخر لديه نقص الالكترونات، و هو أيضا موصل جيد للتيار. فماذا سيحدث عندما نلصق البلورين معا؟


مكان الالتصاق يسمى: وصلة PN. بهاته التقنية يصنع الصمام الثنائي، وهو أصل الثورة الالكترونية الحديثة.


       في الشكل أسفله نرمز للإلكترونات الحرة في شبه الموصل من طراز N بكريات زرقاء، أما الثقوب الموجبة في شبه الموصل من طراز P فنرمز إليها بدوائر حمراء.


       عند الالتصاق، وبما أن شبه الموصل من نفس المادة هنا الجرمانيوم، فإن بعض الالكترونات الحرة سوف تنتقل من N نحو P لتملأ الثقوب. كما أن بعض الثقوب سوف تتحرك من P نحو N لتبحث عن الالكترونات. فكلما شغل إلكترون ثقبا إلا و حصلت حالة استقرار للذرة، فالذرات المستقرة في منطقة الالتصاق سوف تكوّن منطقة استقرار خالية تماما من الشحنة و تسمى بمنطقة الجهد الحاجز.


قبل التصاق البلورين N و P يكونان متعادلين كهربائيا أي لا شحنة لهما. لكن عند الالتصاق الالكترونات التي تغادر البلور N سوف تترك فيها نقصا من الالكترونات، و بالتالي سوف يكتسب البلور شحنة موجبة. أما الثقوب التي اكتسبت الالكترونات في البلور P فسوف تجعل هذا البلور سالب الشحنة بسبب الالكترونات الزائدة.

      تكون منطقة الالتصاق منطقة خالية من حملة الشحنة أي لا يوجد بها إلكترون حر و لا ثقب فارغ. بينما تتكون شحنتان على طرفي هاته المنطقة، إحداهما موجبة و الأخرى سالبة، و بالتالي سوف يتكون فرق جهد داخلي ينتج عنه توتر Us يسمى Tension de diffusion، مما يخلق مجالا كهربائيا داخليا Ein منحاه من البلور N موجب الشحنة إلى البلور P سالب الشحنة. هذا المجال الكهربائي سوف يزيد قوة مع اتساع منطقة الجهد الحاجز إلى أن يصل إلى حالة الاستقرار حيث سيمنع مرور الالكترونات و الثقوب عبر مجاله. وبالتالي سوف تستقر منطقة الجهد الحاجز. للإشارة فهاته الأخيرة تتصرف كمقاومة كهربائية. كلما زادت مساحتها إلا و زادت مقاومتها والعكس بالعكس.


طريقة التوصيل العكسي للوصلة.


       في هاته الطريقة نربط القطب السالب للعمود بالبلور P و نربط القطب الموجب للعمود بالبلور N،


       في هاته الحالة، التوتر المطبق على طرفي البلورين سيخلق مجالا كهربائيا آخر E له نفس منحى المجال الكهربائي الداخلي للوصلة Ein، هذا الأخير سوف تزيد قوته مما سيزيد من منطقة الجهد الحاجز، فينتج عنه زيادة مقاومتها للتيار الكهربائي. إذ لن تسمح بمرور التيار الكهربائي.


طريقة التوصيل المباشر


       في هاته الطريقة نربط القطب السالب للعمود مع البلور N والقطب الموجب للعمود مع البلور P.


في هاته الحالة، التوتر المطبق بين طرفي البلورين N و P سيخلق مجالا كهربائيا منحاه معاكس لمنحى المجال الكهربائي الداخلي للوصلة.


       ولمرور التيار  الكهربائي في الوصلة يجب تضييق منطقة الجهد الحاجز. أي إضعاف شدة المجال الداخلي Ein. ولن يتمكن المجال الكهربائي الخارجي E من اعتراض المجال الداخلي Ein إلا إذا كانت شدته أكبر من شدة المجال الداخلي. بعبارة أخرى يجب أن يكون التوتر U أكبر من التوتر Us. هي هاته الحالة سوف تتقلص منطقة الجهد الحاجز فتضعف معها مقاومتها للتيار الكهربائي، وبالتالي سوف يمر تيار كهربائي.


هذا هو مبدأ اشتغال الصمام الثنائي، الذي يكون على شكل أسطوانة صغيرة يساوي قطرها بضع الميليمترات. ويتميز أحد أطرافه المسمى كاثود K بحمله نقطة أو حلقة ملونة تشير إلى مربط خروج التيار. أما مربط  دخول التيار فيسمى أنود.


ويرمز له في الدارات الكهربائية بالرمز التالي:


حيث الأنود هو البلور P والكاثود هو البلور N


نسمي المنحى من A إلى K الذي يوافق خروج التيار من الكاثود K المنحى المباشر أو المنحى المار للصمام الثنائي.


أما منحى التيار من K إلى A فنسميه المنحى الحاجز للصمام الثنائي أو المنحى المعاكس.


أما التوتر Us الداخلي للوصلة PN فيسمى عتبة التوتر Us للصمام الثنائي.


       الصمام الثنائي هو ثنائي قطب غير تماثلي لا يسمح بمرور التيار الكهربائي إلا في المنحى المباشر بشرط أن يكون التوتر المطبق بين مربطيه Uak أكبر من عتبة التوتر للصمام الثنائي Us.


       لزيادة توضيح مبدأ اشتغال الصمام الثنائي نقوم بتصميم دارة بسيطة مكونة من مولد للتوتر المستمر، وصمام ثنائي ومصباح عادي و أومبيرمتر لقياس شدة التيار المار في الدارة.


التجربة الأولى:


نقوم بتركيب الصمام الثنائي في المنحى المعاكس.فنلاحظ أن المصباح لا يضيئ وأن الامبيرمتر لا يشير إلى أية قيمة. معناه أنه لا يمر أي تيار كهربائي في الدارة. في هاته الحالة، الصمام يتصرف كقاطع للتيار مفتوح.


التجربة الثانية:


نقوم بتركيب الصمام الثنائي في المنحى المباشر، نلاحظ إضاءة المصباح و ظهور قيمة في الأومبيرمتر مما يدل على مرور تيار كهربائي في الدارة. وهذا يؤكد ما ذكرناه أعلاه حيث الصمام الثنائي لا يسمح بمرور التيار إلا في منحى واحد هو المنحى المباشر.


إلى هنا ينتهي هذا الموضوع
طبتم وطاب مسعاكم والسلام عليكم ورحمة الله.






         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق