10/12/2019

الدرس 29: مدخل إلى الترانزستور ذي الوصلتين

مدخل إلى الترانزستور ذي الوصلتين


Introduction au transistor bipolaire

بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله وسلم على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.


مدخل إلى الترانزستور ذي الوصلتين
Introduction au transistor bipolaire


      أكتشف الترانزستور سنة 1948م، من طرف ثلاث علماء من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث منحت لهم جائزة نوبل للفيزياء سنة 1956م على هذا الاختراع، الذي يعتبر عنصرا أساسيا في تقدم الإلكترونيك.


      يمكن استخدام الترانزستور بأعداد صغيرة بشكل ظاهر لعمل:
     - المفاتيح الالكترونية البسيطة.
        - بوابات المنطق الرقمي.
     - دوائر تضخيم التيار والتوتر والإشارة.


      بينما يمكن أيضا توصيل الآلاف أو الملايين أو حتى المليارات منها معا و دمجها على رقائق صغيرة لتصنيع ذواكر الحاسوب، أو  المعالجات الدقيقة (microprocesseurs). كما يمكن استخدامها في العديد من الدوائر المتكاملة المعقدة الأخرى.


     انطلاقا من هذا كله، يحتم الأمر علينا أن نعطيه بعض الاهتمام. هذا لا يدل على أننا سنتعمق كثيرا فيما يتعلق بفيزياء أشباه الموصلات و المواضيع المرتبطة بها، ولا يدل ذلك على أننا سنقوم بتقديم شروحات انطلاقا من معادلات رياضية معقدة، لكننا سنتعمق بشكل كبير فيما يجب أن تفهمه بشكل جيد هو: سلوك الترانزستور وكيفية استخدامه في الدارات الكهربائية في النظامين الساكن والمتغير.


توجد أنواع مختلفة من الترازستورات، يمكن تصنيفها إلى صنفين رئيسيين هما:

1- الترانزستور ذو الوصلتين (ويسمى كذلك الترانزستور تنائي القطبية) الذي يقابله باللغة الفرنسية اسم: Le transistor à jonction bipolaire ويختصر بكلمة BJT

2- الترانزستور أحادي القطبية ويطلق عليه أيضا FET اختصارا لـ Le transistor à effet de champ.


      في هاته الحلقة و الحلقات التي تليها سنقوم بالتركيز على الترانزستور BJT  بشكل كبير. لأنه إذا فهمته فهما كاملا، سيصبح من السهل عليك أن تفهم النوع الآخر.


         لكن قبل ذلك سنعود بكم إلى البنية الداخلية للصمام الثنائي ذي الوصلة PN التي درسناها في حلقة سابقة.


        يتكون الصمام الثنائي من بلور خالص شبه موصل(السيلسيوم Si أو الجرمانيوم Ge) يتم تنشيطه بإضافة كمية من درات دخيلة فنحصل على منطقتين إحداهما تدل على الأنود حيث تحتوي على نقص من الالكترونات، يرمز إليها بالحرف P (الحرف P يعني موجب Positif). والمنطقة الثانية تدل على الكاثود حيث تحتوي على الكترونات زائدة يرمز إليها بالحرف N ( الحرف N يعني سالب Négatif).


       نسمي الوصلة، المنطقة الوسيطة التي تفصل بين المنطقتين P و N. أما التيار فيمر من P نحو N فقط.


أن تفهم النوع الآخر.أ
      إذا قمنا بإضافة منطقة ثانية من نوع N تكون محادية للمنطقة P، لأصبح لدينا صمامين مركبين بشكل متقابل كما هو موضح في الصورة التالية:

أن تفهم النوع الآخر.أ
بعد ذلك نقوم بتقليل نسبة تنشيط المنطقة P ثم نقلص من صمكها لتصبح صغيرة جدا في حدود عشر الميكرومتر. ثم نقوم بتنشيط المنطقة N على اليمين بنسبة كبيرة جدا مقارنة مع المنطقة N على اليسار. هاته الأخيرة نزيد من حجمها لتكون أكبر من نظيرتها على اليمين. بحيث ستكون الوصلة P-N على اليمين مختلفة تماما عن الوصلة P-N على اليسار من حيث التنشيط والحجم. مما يجعل الصمامين يختلفان في سلوكهما.


أن تفهم النوع الآخر.أ
وبإضافتنا مربط ثالث ما بين الصمامين، نكون قد صممنا للتو الترانزستور NPN

 
وسمي بهذا الاسم (أي الترانزستور NPN) لأنه يحتوي على منطقتين من نوع N ومنطقة وحيدة من نوع P. كما يحتوي على وصلتين (غير متماثلتين)، لهذا جاءت تسميته بالترانزستور ذي الوصلتين.


       الترانزستور ثلاثي القطب حيث تخرج منه ثلاث أسلاك موصلة مرتبطة داخليا بالمناطق الثلاث، وتسمى هاته المناطق:

1- الباعث E (L'émetteur) سمي بهذا الاسم لأنه الجزء المختص بإمداد الالكترونات.

2- المجمع C (Le collecteur) سمي بهذا الاسم لأنه يختص بتجميع الالكترونات القادمة من الباعث.

3- القاعدة B (La base) والتي تربط بالمنطقة الوسيطة ذات السمك الضعيف.


        يوجد نوع آخر من الترانزستور  BJT إلى جانب الترانزستور NPN، هو عندما نقوم بوضع طبقة سالبة من نوع N بين طبقتين موجبتين من نوع P فنحصل على الترانزستور PNP. وهو  الترانزستور الممثل على يمين الصورة التالية:


ويكون التمثيل الاصطلاحي لهذين النوعين على الشكل التالي:


       ويمكن التمييز بينهما باتجاه السهم الخاص بالباعث، حيث يدل دائما على المنحى P نحو N


       يمكن اعتبار الترانزستور بطريقة ما زوج من الصمامات الثنائية متصلين بالكاثود أو الأنود.


يعتبر الصمام الثنائي الذي يوصل القاعدة بالباعث هو الأهم هنا، فهو يماثل اتجاه السهم الموضح في الرمز الاصطلاحي، و يوضح كذلك الاتجاه المحدد لسريان التيار الكهربائي. وله نفس سلوك الصمام الثنائي العادي في الدارات الكهربائية. أما الصمام الثنائي الذي يصل القاعدة بالمجمع فيختلف سلوكه كثيرا.


        اعتبار الترانزستور كصمامين ثنائيين متصلين معا أمر جيد كبداية، لكنه ليس دقيقا على الإطلاق. لذلك لا تبني فهمك لطريقة عمل الترانزستور على ذلك النموذج (بالطبع لا تحاول استبدال الترانزستور بصمامين ثنائيين في الدارات الكهربائية لان ذلك لن يعمل). لأن الترانزستور NPN مصمم لتمرير التيار من القاعدة إلى الباعث كما صمم لتمريره من المجمع إلى الباعث رغم أن الصمام الثنائي بين المجمع و القاعدة مستقطب في المنحى المعاكس.


       نفس الشأن بالنسبة للترانزستور PNP حيث صمم لتمرير التيار من الباعث نحو القاعدة ومن الباعث نحو المجمع. في كلتا الحالتين (NPN PNP) لدينا تيارين أساسين هما التيار الذي يسري بين القاعدة و الباعث، وتيار آخر يسري بين الباعث والمجمع.

  

      ليعمل الترانزستور بشكل عادي، يجب توصيل أطرافه بمصدر التغذية المستمرة. بشكل عام يتم توصيل القاعدة والباعث توصيل أمامي. يعني إذا كانت القاعدة أو الباعث من نوع P يتم توصيلهما بالقطب الموجب (+). أما إذا كانتا من النوع N فيتم توصيلهما بالقطب السالب (-).


       يختلف الأمر بالنسبة للمجمع C حيث يتم توصيله بشكل عكسي. إذا كان من نوع P يتم توصيله بالقطب السالب (-). أما إذا كان من نوع N فيتم توصيله بالقطب الموجب (+). هذا لا يعني أننا سنربط أطراف الترانزستور مباشرة مع مصدر التغذية، بل يجب دائما تركيب مقاومات كهربائية لتحد من التيار ليتناسب مع كل نوع من الترانزستورات. طريقة تركيب المقاومات الكهربائية وكيفية حسابها، ستناولها في موضوع لاحق بإذن الله.


ملحوظة:
      يوجد توصيل آخر للترانزستور، حيث يتم توصيل القاعدة و الباعث بشكل عكسي، أما المجمع فيتم توصيله بشكل أمامي. نأخذ كمثال النوع NPN، حيث يتم توصيل الباعث بالقطب الموجب (+)، أما القاعدة و المجمع فيتم توصيلهما بالقطب السالب (-).


في هاته الحالة يقوم الترانزستور بتوصيل التيار وتضخيمه كذلك بنسبة صغيرة جدا، ولكن مع سريانه في الاتجاه المعاكس، أي من الباعث إلى المجمع.


       عادة لا يرغب أي مستخدمي الترانزستور في جعلها تعمل في هذا الوضع. لكنه من الجيد أن نتعرف عليه باعتباره موجودا. لكن من النادر أن يتم استخدامه عمليا.


       للترنزستورات NPN و PNP نفس السلوك في الدارات الكهربائية لكن وجه الاختلاف بينهما يكمن في أن النوع NPN له مقادير جبرية موجبة عكس النوع PNP الذي له مقادير جبرية سالبة، حيث النوع PNP هو مقابل النوع NPN يعني أن توترات و تيارات الترنزستورات PNP تتخذ إشارة سالبة.


        نظرا لكثرة استعمال الترانزستور NPN في الإلكترونيك ، سيكون هذا النوع موضوع دراستنا نظريا و عمليا في هذا الدرس و في  الدروس القادمة إن شاء الله. حيث يدخل التيار من القاعدة B و من المجمع C ويخرج من الباعث.


        يمكن القول بأن الترانزستورات يعمل كنوع من الصمامات بالنسبة  للتيار. وطرف القاعدة يمكن تشبيهه بمقبض نقوم بضبطه لزيادة أو تقليل شدة التيار المارة من المجمع نحو الباعث.


      إذا كنت قد قرأت العديد من الدروس حول المفاهيم و المواضيع المتعلقة بالكهرباء فمن المحتمل أنك قد صادفت تمثيل النظام الكهربائي بالنظام المائي، فسريان التيار في الأنظمة الكهربائية يشبه سريان الماء في الأنظمة المائية، و الجهد يشبه الضغط المسؤول عن دفع الماء خلال الأنابيب، بينما تشبه المقاومة الكهربائية (Résistance) اتساع الأنبوب.


ليس من المستغرب أنه يمكن تمديد هذا التشابه ليشمل الترانزستور. هذا الأخير يشبه صمام مائي، أي آلية نستخدمها للتحكم في معدل السريان.

 
      هناك ثلاث حالات يمكن أن يتواجد عليها الصمام، وكل منها له تأثير مختلف على معدل السريان في النظام.

1- الحالة الأولى: منطقة التوقف Région de blocage

هاته الحالة تعتبر الوضع المبدئي للترانزستور، حيث يكون وضع الصمام مغلقا فيمنع سريان الماء تماما. في هذا الوضع الترانزستور يكافئ دارة مفتوحة كما هو مبين على يمين الصورة التالية:


2- الحالة الثانية: نظام الإشباع Régime de saturation

نحصل على هذا الوضع عندما نقوم بفتح الصمام أقصى ما يمكن فتحه. فيسمح بمرور سريان الماء بشكل حر. وكأن الصمام ليس موجودا من الأساس. بالمثل يمكن أن يعمل الترانزستور (تحت ظروف معينة) كأنه دارة قصر بين المجمع و الباعث وعندها يسري التيار بشكل حر تماما من المجمع نحو الباعث، أي كأنه ليس هناك ترانزستور. في هاته الحالة، الترانزستور يكافئ دارة مغلقة وهو الشكل الموضح على يمين الصورة التالية:



3- الحالة الثالثة: النظام الخطي أو منطقة التضخيم Régime linéaire

بين منطقة التوقف ونظام الإشباع يوجد نظام التشغيل الخطي. حيث خلال هذا النظام يتم ضبط الصمام ليتحكم في معدل السريان.


       يمكن للترانزستور القيام بنفس الشيء، أي التحكم بشكل خطي في سريان التيار خلال الدارة الكهربائية لتكون قيمة التيار المار من المجمع C نحو الباعث E محصورة بين 0 أمبير (عند منطقة التوقف) و القيمة القصوى (عند نظام الإشباع).

  
        بتشبيه النظام المائي بالنظام الكهربائي نجد أن الصمام يشبه المقاومة الكهربائية في الدارة الكهربائية. حيث أن دور المقاومة يبقى محصورا في التحكم في شدة التيار المارة في الدارة. بطريقة ما يمكن تشبيه الجزء بين المجمع C والباعث E كأنه مقاومة متغيرة قابلة للضبط. هذا هو اللغز السحري لفهم سلوك الترانزستور في الدارات الكهربائية. حيث أن الجزء بين المجمع C و الباعث E ليس مقاومة كهربائية لكن تصرفه يشبه تماما تصرف مقاومة كهربائية (متغيرة قابلة للضبط) في دارة كهربائية.


        يبقى الفرق الوحيد بين المقامتين، هو أن المقاومة المتغيرة نتحكم فيها يدويا، أما المقاومة المتغيرة للترانزستور فيتحكم فيها آليا بواسطة تيار القاعدة. إذ يكفي تمرير تيار صغير في القاعدة و مناسب ليجعل الترانزستور في النظام الخطي أو نظام الإشباع، أو يجعله في منطقة التوقف عندما ينعدم تيار القاعدة.


        هناك تمثيل آخر يمكن أن نذكره في هذا السياق، تخيل أنه بإدارة صمام صغير يمكن التحكم في معدل سريان الماء خلال أحد السدود. تلك الكمية الضئيلة من الطاقة التي نسلطها على مقبض الصمام لإدارته، لديها القدرة على خلق قوة أكبر منها بآلاف المرات. يمكن تشبيه ذلك بما يكمن أن يفعله الترانزستور، فالترانزستور بإمكانه تضخيم الإشارات الكهربائية عن طريق زيادة طاقتها من قيم منخفضة إلى قيم أكبر بكثير.


سأقف إلى هذا الحد
ترقبوا مزيدا من دروس الترانزستور
شكرا على طيب المتابعة والسلام عليكم





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق